رواية سيف القاضي الفصل الثاني عشر 12 بقلم اسراء هاني
"بابا أنا عايز أتجوز "
نطقها وهو يهبط السلالم بلهفة وعيون حمراء من شدة التفكير ... ركضت نحو ابنها تضمه وهيا تبكي وقبلته بحب وهمست بحنان " هو ده اللي مشقلب حالك ي حبيبي "
نظر لابنه وللعشق والاصرار في عينيه ليجيب بهدوء " مش شايف انك صغير وهيا أصغر كمان "
كان يعلم أن والده شعر بع وعلم من هيا هز رأسه بالنفي وأجاب بتصميم " الجواز مالوش في السن عايز حد عاقل متفهم... وياما ناس تجوزت أصغر منها وفتحت ببوت "
تنهد والده بقلق من حالة ابنه وأجاب بنفس الهدوء " وان رفضت "
مصطفى بقلق وتصميم " هخطفها وساعتها أبوها هيقتلني وكدة أبقى استريحت "
شهقت رحمة وبكت بشدة وهيا تضمه بقوة ربت على ظهرها بحنان وهمس " ادعيلي يا أمي عشان خاطري مش قادر اعيش وهيا بعيد "
مسح علي على وجهه بتعب وقلق " طيب خليها كمان سنة البنت هتسافر أما ترجع "
هز رأسه بشدة وقال بجنون عاشق " النهاردة هنروح النهاردة "
علي بحب أبوي " خايف عليك من كسرة القلب يمكن تكون ما بتحبكش او مسقبلها أهم "
مصطفى بعينين دامعة " أنا متأكد من ده .. بس هقنعهم انا هتجوزها واسافر معاها واساعدها بس هيا توافق "
رأف في حال ابنه ولهفته عليها فهو جرب الحب ولعنته ويعلم ماذا يفعل بمن يدق بابه ..
هز رأسه بقلة حيلة وهمس " اجهز الليلة هنروح "
ابتسم واشرق وجهه واحتضن والدته التي تبكي بسعادة وقلق من كسرة قلبه ...
****
يوميا تجد في سيارتها هدية مختلفة بكرت مختلف وكأي فتاة تشعر بالسعادة ممن يهتم بها هكذا ...
لم يخطر في بالها سيف نهائيا لأنه لا ينظر لها أو يشعرها بأنه هو ..
وفي وسط سرحانها لاحظت سيارة تحاول اللحاق بها وايقافها شعرت بالقلق الشديد أمسكت هاتفها تتصل على والدها لكنه مغلق استدرات بسرعة تضيع وقت لتتذكر ذاك الرقم الذي يرسل لها الرسالة المطبوعة في الكرت مرة أخرى... ضغطت على الاتصال ودعت برجاء ان يجيب ...
كان في طريقه للجامعة عندما رن هاتفه باسمها استغرب كثيرا وقلق فتح الخط ولم يجيب ليأتيه صوتها بلهفة " أنا معرفش انت مين بس أنا عايزاك تثبت بجد اني بهمك .. بكت وهيا تحاول الفرار في شوارع مختلفة بحرافية كما تعلمت .. ثم تابعت أنا في عربية بتلحقني مش عارفة عايزة ايه "
تجمدت عروقه ودماءه وهمس برعب شديد وهو يستدير " شام حبيبتي افتحي الجي بي أس وما تخافيش مافيش حاجة هتأذيكي أوعدك "
تتبع مكانها كالمجنون وقلبه ينتفض أن يصيبها أذى حتى وصل لها ووقف خلفها يوقف السيارة التي تلاحقها .. هبط رجلين يحاولوا الذهاب لها واخذها لكن لم يلاحظوا ان هناك من هو مستعد للموت دون تردد لأجلها ..
وفي دقيقتين كانوا ينازعون على الأرض.. اتصل بأحد الحرس الذي يمشي خلفه بأمر من والده وطلب منهم أخذهم حتى يفوق لهم ..
مشى بلهفة ليرى حالتها ليجدها ترتعش بشدة لم يستطيع المقاومة صعد بجوارها وضمها فقط من شدة خوفه ان يحصل لها أي أذى ..
انتبه لنفسه ورجع للخلف قليلا وفي داخله بركان اشتياق لها همس بحنان " انتي كويسة "
هزت راسها بخجل ليتابع بحب " طيب تعالي مكاني وأنا هسوق بلاش جامعة النهاردة "
همست بدموع " عندي امتحان "
رد بعشق " اعتبري تأجل بس تعالي مكاني "
صعد مكانها واستدار ليوصلها انتبهت أن الذي بجوارها هو سيف نظرت له باستغراب " سيف انت عرفت ازاي اني بخطر "
ابتلع ريقه بتوتر وأجاب " شفتك صدفة وأنا رايح الجامعة "
ضيقت عينيها بعدم تصديق وامسكت هاتفها واتصلت على نفس الرقم ليرن هاتفه امسك هاتفه وعند رؤيته اسمها ابتسم بحرج .. دق قلبها بشدة وهمست " مش عايز تقولي حاجة "
أوقف سيارته وتنهد قليلا ثم استدار ونظر داخل عينيها " صممت أخطب وحدة بدون حب عشان ما اضعفش .. بابا كان مصر أني لازم أكون بحبها وأنا رافض لغاية ما شوفتك حسيت اني ضايع قلبي تخطف.. قلبت الدنيا عشان اعرف انتي مين لغاية ما عرفت بقيت مش عايز من الدنيا كلها غيرك "
نظرت إلى الأرض بخجل شديد ليهمس بحنان " بحبك يا شام بحبك أوي لدرجة ما تتخيلهاش "
دقات قلبها يسمعها من في جوارها وصد..رها يعلو ويهبط من ما تسمع هل يوجد أحد يحبها لهذه الدرجة .. هل ستعيش حياة كوالدتها يحبها شخص لدرجة الجنون "
حاولت جلب صوتها وهمست بخجل " بس انت خاطب "
ابتسم بسعادة وهمس بلهفة " أعطيني بس اسبوع بس وهكون حر وليكي لوحدك وبنفس اليوم هكون عند دكتور علي بترجاه يعطيني الجوهرة اللي عندو "
شعرت بنفسها ستفقد وعيها من ما يحدث ابتسم على خجلها وهمس بمرح " تعالي اوصلك بلاش يغمى عليكي معايا .. والشيطان شاطر وانتي زي القمر "
شهقت بخجل " انت قليل الأدب "
غمز لها بعشق " يا قلب وعقل وعمر قليل الأدب يا شام "
***
" مامي أنا عايزة اطلب منك طلب وعشان خاطري ما تعترضيش "
ابتسمت لها " عيوني يا حبيبتي "
ابتلعت ريقها وهمست " أنا عارفة انك بتحبيني وبتخافي عليا بس أنا طول عمري بحلم أبقى دكتورة عالمية أخترع وصفات علاج وأبقى حد مهم .. زي مثلا الوصفة اللي عملها بابي وخلته بقى يوسف القاضي "
شعرت بالقلق بسبب تلك المقدمة لتسأل " ربنا يوفقك بس ايه الطلب "
لتجيب بعجلة " مامي انا عايزة اتعلم برة "
شهقت اسراء بنفي وهي تهز رأسها بلا ودموعها تهبط لتتابع بيسان برجاء " والله كل شهرين هزورك وانتي تزوريني ومش هخليكي تحسي اني بعيدة عنك "
همست بدموع " دول ٧ سنين انا كنت بفكر هاستحمل اخر سنتين ازاي لو فكرتي تسافري "
ضمتها بحب وهمست برجاء " بابي هيعين ليا حراسة وهكلمك كل يوم صبح وليل وان يوم ما كلمتكيش امنعيني والله هحافظ على نفسي اوعدك "
شعرت بالحيرة ودموعها ما زالت تهبط دخل لها بلهفة وضمها بقلق " انتي كويسة "
همست بضياع ' بنتك عايزة تسافر وتسيبني يا يوسف "
ضمها مرة أخرى وقال بحنان " اهدي واللي انتي عايزاه هيحصل والله "
بيسان بغيظ " بابي "
يوسف بحدة " أجلي الكلام لوقت تاني مش شايفة انهيارها "
بيسان بدموع " ده مستقبلي حرام عليكو ان ما سافرتش هموت نفسي "
قالت جملتها وخرجت لتبكي اسراء بشدة أكتر سحبها لحض.نه وهمس بحنان " ما تقلقيش عليها هيكون عليها حراسة وهسفرك دايما ليها "
لكمته وهمست بحدة " كنت أرفض انت بدون ما تبعتهالي وتخليني بوش المدفع "
قهقه عليها ورد بحب " لو مش عايزاها تسافر اوعدك هخليها تنسى الموضوع المهم تكوني مرتاحة انتي أهم عندي من أي حاجة "
دفنت وجهها في رقبته وسألت بقلق " هتبقى كويسة "
شدد من ضمها وأجاب بحب " تعالي معايا وحسببصوت بصوت امكانياتك هتكون الحراسة عليها "
***
في مساء اليوم استغرب زيارة علي وعائلته بعد أن اتصل به كان يشك بالسبب لكنه خائف جدا من ردة فعل ابنته ..
همس بابتسامه وترحيب " اهلا وسهلا نورتونا "
علي بقلق وهو ينظر لابنه الذي ينتفض خوفا" ده نورك يا يوسف .. احم احنا جايين النهاردة عشان نطلب ايد الآنسة بيسان "
ابتسم يوسف بمجاملة واجاب " مش شايف انهم صغرين شويا "
مصطفى بجدية " عمي الزواج مالوش علاقة بالسنة المهم انه أقدر أسعدها وأحافظ عليها وأنا اوعدك اني هحطها في عينيا وهساعدها لغاية ما تحقق حلمها وتبقى أكبر دكتورة "
يوسف بهدوء " طيب مش كنت تستنى تخلص كليتك "
مصطفى " هكمل دراستي معها عشان تكون عيني عليها "
يوسف بابتسامه اطمئنان " يعني هتسافر معها "
مصطفى بأمل " ايوة هفضل ٧ سنين عيني عليها وفي ضهرها لغاية ما تحقق حلمها "
هز يوسف رأسه ثم أجاب " بص أنا ربنا يعلم غلاوتك انت وابوك عندي قد ايه ومش هلاقي عريس أحسن منك ليها خصوصا اني هبقى مطمن عليها وانت معاها بس القرار في الأول وفي الأخير قرارها هيا "
مصطفى بقلق " أنا عايز أاقعد معها يا عمي بعد اذنك "
هز يوسف رأسه بقلق من رفضها له وكسرة قلبه فهو يرى في عينيه عشق ليس له آخر ..
دخلت الغرفة عندما أخبرها والدها أنه مصطفى يريدها ابتسمت " مصطفى ازيك ايه المفاجأة الحلوة دي "
كان وجهه أصفر من القلق ويفرك يديه بشدة وجهه يتعرق همست بقلق " مصطفى انت كويس "
هز رأسه بالايجاب وهمس " ناوية تسافري امتى "
بيسان بابتسامه " بعد بكرة ان شاء الله .. انا متحمسة اوي بابي ومامي هيسافروا معايا يطمنوا عالوضع يومين ويرجعوا "
سكت قليلا وقلبه شعر بالاجابة قبل السؤال ثم همس بصوت متقطع " بيسان أنا بحبك وعايز أتجوزك "
حدقت بعينيها من الصدمة ولم تستطع الاجابة ليتابع هو بقلق " من اول مرة شوفتك وانا ما بقتش انا بقيت بصبر بنفسي انه الشهر ده يمر واتقدملك "
ابتلعت ريقها وهمست " بس انا ما بفكرش في الجواز دلوقتي "
مصطفى " عارف بس انا مش هعطلك عن حلمك هبقى معاكي أشجعك وأساعدك "
بيسان بتوتر " مصطفى الجواز مسؤولية هتعطلني عن كل حاجة "
أجابها بتأكيد " انا هعفيكي من أي مسؤولية غير انك تهتمي بدراستك مش عايز .. جربي يا بيسان "
كانت بموقف لا تحسد عليه لا تريد كسر خاطره شعرت بنبرة صوته بحبه هيا تحبه كصديق فقط لم تفكر يوما بالارتباط به او بغيره ماذا عساها تفعل ...
همست بدموع " مصطفى صدقني لو عايزة اتجوز مش هلاقي احسن منك بس انا دلوقتي ما بفكرش غير في مستقبلي انا كدة هظلمك لاني مش هكون موجودة اصلا معاك عشان ابقى زوجة انا في ببالي تخطيط كبير ما كنتش عاملة حسابي لاي حاجة فيه .. انا اسفة يا مصطفى "
تركته وركضت للخارج تبكي وهو ينظر لأثرها دون اي ردة فعل فاحيانا يكون الوجع قوي لدرجة أنه لا يوجد اي ردة فعل تعبر عنه ...
انسحب من المكتب بهدوء دون ان ينتظر أحد من اهله والكل علم النتيجة لحقت به رحمة التي تابعها علي ودموعه تهبط على منظر ابنه ...
دخل غرفته وأغلق الباب على نفسه ونام كما هو ولم يستمع لدقات والدته ورجاءه كأنه فقط كل شئ في بيتها...
***
علمت من ابنته دون قصد أن والدتها طلبت من أبيها الزواج بسبب ضعف في قلبها ..
كانت تظن أنها فرصتها لتعوضه هيا فقد اعجبت به بجنون منذ أول مرة ...
دخلت له المكتب عندما تأكدت من عدم وجود أحد همست وهيا تقترب منه " عامل ايه يا اونكل "
استغرب طريقتها واقترابها أجاب بجدية " كويس الحمد لله.. سيف فين "
اجابت بجراءة " سيبك من سيف دلوقتي ... انا عمري ما أعجبت في حد ولا تمنيت حد زي ما تمنيت ابقى مراتك .. انت حلم لكل بنت "
صعق من كلامها وهمس بتقطيع " تقصدي ايه "
اقتربت منه بدلع وهمست " أنا هعوضك عن مرضها هخليك تحس انك عندك عشرين سنة هنسيك اسمك بس قول اه "
كانت هذه الجملة الذي سمعتها عند ذهابها اليه استدارت تريد الذهاب والانسحاب تماما لكنها تذكرت كلامه أنها تكفيه عن العالم .. نعم ستثق بحبه ..
اقتربت مرة أخرى لتسمعه يجيب بهدوء " سيف بقاله فترة عايز يفسخ الخطوبة ومش قادر خايف يجرحك بس انتي عملتي فينا معروف بطلبك ده '
ابتسمت بسعادة عند ظنها أنه يريدها له الآن وضعت يدها على كتفه ليفاجئها بتنيها خلف ظهرها ورميها على الارض
صرخت بألم ليقترب منها ويصفعها بقوة دخلت له اسراء تبعده عنها صرخ بهدير " بقى تبقي مخطوبة لشاب ضافروا بمية زيك وتبقى بالحقارة دي ... انا عندي جزمة مراتي بمليون زيك "
همست بسخرية " مراتك المريضة اللي موجودة كدة زي خيال المآتة "
لتتفاجأ بسيف يركع على ركبيته وهو يقول بقر.ف " معقول انا كنت مخطوب لوحدة زيك بالقر.ف ده "
غنى ببكاء وتمثيل " سيف الحمد لله انك جيت باباك كان بيتحر.ش بيا ولما مانعته وقولتله هصرخ ضربني "
صفعها بقوة حتى سال دمها ليهمس " بقى يوسف القاضي اللي متجوز ست ستك يبصلك .. على ايه ده انتي تقلبي المعدة والدليل عمري ما لمست ايدك ... تابع بوعيد هخليكي تلعني الساعة اللي تولدتي فيها .. غوري يا بنت الكلب "
جرها من يدها بعصبية وهو يسب عليها ... استدار يوسف ينظر لزوجته وخائف جدا من حزنها من كلامها ...
وقبل أن ينطق وضعت يديها على فمه وهمست بابتسامه " والله العظيم كلامها ما أثر عليا أنا متأكدة انه أنا عندك بالدنيا كلها "
هز رأسه بتأكيد ولهفة وضمها بشدة " اه والله العظيم "
****
كانت تعد حقائبها وسط بكاء اهلها ... وهيا حزينة جدا عليهم ..
كان يوسف يتمنى ان توافق على مصطفى سيكون مطمئن عليها برفقة عاشق مثله .. لكنه لن يجبرها على شئ ...
بالمطار كان ينتظرها ليودعها برفقة أبيه الذي قلق من حالته وذهب برفقته ..
همست بخجل " مصطفى أنا "
قاطعها بحنان " ما تفكريش بحاجة غير انك تبقى أشطر دكتورة في الدنيا وأنا هستناكي لآخر العمر يا بيسان "
هزت راسها بدموع واستدرات للذهاب لتسمع صوت والده يصرخ باسمه التفت بفزع لتجده متشنج على الأرض لا حول له ولا قوة ...
سيف القاضي بارت 12
اسراء هاني شويخ